النهاية المكتوبة
كتب "بدأت خيوط القصة تنتشر قبل أكثر من خمس وثلاثين سنة حيث ولد عبدالله في إحدى القرى شمال المملكة ،وسط عائلة فقيرة ؛ فوالده فلاح أجير وأمه تعين والده في بعض الأمور الزراعية . ترعرع هذا الولد وجيله بعيدين عن الله
والروابط الدينية كانت لا تعدو عادات على استحياء يقومون بها ؛ وشغف كالباقين بشرب الخمر فهو عادتهم جميعا إلا قليلا منهم وما يفرق هو أن بعضهم آثر أن يخفي هذه العادة الملعونة عن الناس والبعض الآخر لم يأبه بأحد . ظهرت العادة السيئة لجيل عبدالله لأن الناصح اختفى من حياتهم فالآباء راضخون لما يمليه الأبناء و الحياة ألهتهم عنهم حتى كادوا لا يفكرون إلا بلقمة العيش .
اعتاد عبدالله على الشرب مع الشلة وحتى بعد الزواج كان يسافر مسافات ليتقابل معهم في مناطق نائية وفي بيوت طينية هي مخبأهم السري ؛ لم يمنعه إنجاب زوجته لأول أبنائه ولا الثاني ولا الثالث بل ترك العمل وترك لزوجته عناء البحث عن لقمة العيش فعملت وهي الصابرة مستخدمة في إحدى المدارس في عاصمة تلك المنطقة وسنة وراء أخرى والحال هي هي !!!! .
بدأت تأتي عبدالله نوبات من الغضب وأبتعد عن معاشرة زوجته مرغما لعدم مقدرته على إرضائها ومع هذا ظلت الصابرة الراضية بأمر الله وأخذت تنصحه وتنهره كعادتها لكن لم ينفع ؟؟!!!. في أحد الأيام وفي طريقه إلى البيت بعد ليلة حمراء قضى أعز أصدقائه نحبه في حادث سير مؤلم وكانت من أفضل الفرص لنصحه عله يتعظ لكن ( من يهد الله فهو المهتد)... العكس ما حدث وأخذ يزداد عربدةً زعما منه أنه يحزن على رفيقه المتوفى وأنه كما في الأفلام هو السبب فيما حصل . يئس منه الجميع إلا زوجته الصابرة ظلت تنصحه تارة وتنهره تارة وتجره إلى بيته تارة ..... هذا المكابر أصبـــــح لا يذهب ولا يجيء إلا إلى ((البياع)) يشتري منه أو بمعنى أصح يقترض مقابل أشياء الله أعلم بها .
بعد ازدياد الطلب على المشروب أراد عبدالله أن يكتف عن ((البياع)) وأتفق مع أحد أصدقاء السوء أن يجعلوا مصنعا للمشروب قريبا منهم ليسهل بذلك المهمة على نفسه وليشرب متى شاء وكيفما شاء؛ وبالفعل تم ذلك وصار كما يقال لا يستطيع أن يرفع رأسه من كثر الشرب وأدمن إدمانا غريبا حيث كان إذا تأخر عن الشرب ينتفخ حتى يبدو ككرة منفوخة بالماء ويأخذ وقت على تلك الحال وإذا هدأ بادره من حوله بإسقائه الخمر .
الزوجة الصابرة لم تيئس من نصح زوجها وظلت ناصحة ناهرة لكن الزوج زاد المكابرة وطردها وأولاده ولم ترضى الخروج حتى صفعها وكاد يلقي اليمين عليها وذهبت إلى من يشمت بها من أهلها فأمها قالت: أنت اللي إخترتيه وينك عن نصايحنا وإخوانها بين ساخر و متشمت . لم تستطيع البقاء عند أهلها وعادت إلى البيت وأثناء الدخول كان زوجها واقعا قرب الباب وكانت الأزمة قد أتته منذ زمن وهو يصارع الموت بيديه ورجليه ويرفس ويمسك بخناقة إلى أن لفظ أنفاسه مدمنا لا حول ولا قوة إلا با الله ( قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ثلاثة حرم الله عليهم الجنة وذكر مدمن خمر.....) إنا لله وإنا إليه راجعون"